السحر في الحضارات القديمة

طريقة علاج السحر والمس بالبخور واللبان الدكر

انتشرت العديد من المنشورات ومقاطع الفيديو على الكثير من منصات التواصل الاجتماعي تتكلم عن طرق أو طريقة علاج السحر والمس بالبخور واللبان الدكر، وكذلك استخدامه في علاج الحسد، والمس، والمرض.

وللأسف يذهب الكثير من الناس إلى استخدام هذه الوصفات التي يعرضها لهم أصحاب النفوس المريضة حتى يحققوا من ذلك الكثير من المشاهدات ويجذبوا إليهم العديد من المتابعين.

لذا سوف نوضح في هذا المقال بمشيئة الله تعالى أصل طريقة علاج السحر والمس بالبخور واللبان الدكر، لنحذر الناس من اتباع هذه الطرق الشيطانية والتي ليس لها أي أصل في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة.

أعمال السحر والشياطين في النصوص العبرية القديمة

اتبع اليهود منذ قديم الزمان ممارسة السحر واستدعاء الجن والشياطين، وكل ما يخالف تعاليم الله سبحانه وتعالى، فقد باعوا أنفسهم للشيطان وأصبحوا يقومون بإغواء الناس في اتباع سلوكهم.

وقد كشف علماء الآثار العديد من الكتب والمخطوطات العبرية القديمة والتي تناولت موضوع السحر واستدعاء الجن، وكتبت هذه المخطوطات باللغة العبرية القديمة أو الآرامية، وأحيانا كانت تكتبت باللغة العربية والعبرية معاً.

وسوف نتناول فيما يلي نموذج من هذه النصوص يختص بأعمال السحر والتمائم، وسوف نوضح هذه التعاويذ وحكمها في الشريعة الإسلامية ومدى خطورتها.

التعاويذ والتمائم في السحر اليهودي القديم

هل رأيت من قبل السحر اليهودي الصورة السابقة هي عبارة عن رقعة من الورق القديم كتب باللغة العبرية ويتضمن أربعة تعاويذ سحرية، وقد نشر هذه الرقعة جدعون بوهاك، وهو عالم آثار يهودي ويعمل استاذاً في جامعة تل أبيب.

وتؤرخ هذه الرقعة السحرية بالقرن السادس أو السابع الهجري / الثاني عشر أو الثالث عشر الميلادي، يعني تقريباً في أواخر العصر الفاطمي في مصر وبدايات العصر الأيوبي.

التعويذة الأولى: علاج لدغة العقرب أو الثعبان

كما أشرنا سابقاً أن الرقعة السحرية تحتوي على أربعة تعاويذ، ولكن هناك نص ذكر في أول الرقعة والمطلوب هو كتابة هذا النص في كل تعويذة من التعاويذ الأربعة وصيغة النص هي:

أيها الملائكة المقدسون / والشخصيات المبتهجة، “باسم أدونيل رفائيل غابرييل أنيل أورييل صادقييل كروفيل بارتويل كاترويل” أدي / لي، كذا وكذا.

إذا لدغ الإنسان عقرب أو ثعبان فعليه أن يكتب النص على صفيحة نحاسية وتضع عليها بخور ثم تدخن هذا البخور وبعدها تربطها بذراع ولن يؤثر فيك سم الثعبان أو العقرب، طريقة علاج السحر والمس بالبخور واللبان الدكر.

التعويذة الثانية: جلب الحبيب

ومن سحر التفريق أو سحر جلب الحبيب قيل: يكتب نص التعويذة السابق في شهر ربيع الأول على جلد الغزال ثم يكتب أسفل النص اسم الحبيب واسم أمه ويدخنه بالمستكة، ثم يضعه في إناء صغير ويعلقه في مكان لا تؤذيه الأرض ولا السماء، وبعد ذلك سياتي إليه عاجلاً إن شاء الله.

التعويذة الثالثة: تحقيق الأماني

يكتب نص السحر في شهر ربيع الآخر على جلد غزال ويدخنه ببخور وعنبر ويثبته على نفسه وكل ما يطلبه سوف يتحقق.

التعويذة الرابعة: عدم خيانة الزوجة

في ليلة الجمعة يكتب نصر السحر على جلد غزال ويدخنه باللبان الدكر ويثبته على نفسه وسوف يمنع السحر زوجتك بألا تعاشر أحداً غيرك.

كان لابد أن أكتب أسفل كل تعويذة أنني أبرأ من ذلك كله، لأنه شرك بالله ونسأل الله أن ينجينا وإياكم من سوء الخاتمة، لأن نص التعويذة يبدأ بالاستعانة بالجن والشياطين، فالأسماء التي ذكرت هي من أسماء الجن.

وحكم الاستعانة أو الاستغاثة بالجن والشياطين والاعتقاد بأن مشيئتهم تسبق مشيئة الله سبحانه وتعالى كل ذلك هو كفر وشرك بالله، وسوف نوضح في السطور التالية خطورة هذه التعاويذ.

هل التعاويذ السحرية الأربعة هي تعاويذ إسلامية

ذكر جدعون بوهاك عند تناوله دراسة هذه التعاويذ بأن أصلها إسلامي وأن من كتبها هو ساحر مسلم بدليل استخدام الشهور العربية الهجرية في التعاويذ مثل شهر ربيع الأول وربيع الآخر وكذلك يوم الجمعة.

وأن هناك كاتب يهودي يعرف اللغة العربية هو من قام بترجمة هذه التعاويذ إلى اللغة العبرية، محاولاً إثبات بأن المسلمين كانوا أكثر استخداماً لأعمال السحر والتعاويذ.

ولكن هذا الرأي بالطبع لا يمكن قبوله أو تصديقه لأن كما أشرنا هناك في بداية الرقعة نص الاستعانة ونداء الجن وهو شرك بالله وليس هناك رجل مسلم قد يفعل ذلك إلا من هم على غير ملة الإسلام أو الزنادقة.

كما أن استخدام الشهور العربية في التعاويذ لا يعني بالتأكيد بأن كاتبها ساحر مسلم، ولكن من الممكن أن يكون قد لجأ بعض المسلمين من العامة والذين يجهلون حكم السحر وليسوا على علم بشريعة دينهم إلى أحد السحر سواء كان من الزنادقة أو اليهود.

لكي يكتب له بعض التعاويذ السحرية، وللأسف هذا الأمر موجود في آيامنا فهناك الكثير من المسلمين يذهبون إلى الدجالين والمشعوذين ليعالجهم من المس، أو السحر، أو الحسد، أو غيره.

حقيقة استخدام البخور واللبان الدكر في علاج السحر

هل اللبان الدكر يستخدم في علاج السحر والمس؟ هناك الكثير من الناس ينصحون من هو مصاب بسحر أو حسد أو مس بأن يعالج نفسه بالبخور وكذلك باللبان الدكر، وأنه يمكن استخدامهما معاً لطرد الجن، وسوف نوضح فيما يلي حقيقة ذلك.

استخدام البخور في السحر والمس

يدعي الكثير من الناس بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار باستخدام البخور في علاج السحر والمس، ويستدلون بحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: بخروا بيوتكم باللبان والشيح، وفي رواية بخروا بيوتكم باللبان والصعتر.

ولكن هذا حديث ضعيف ومنقطع، وقال عنه البيهقي بأنه منقطع وهو ما رواه في شعب الإيمان بلفظ بخروا بيوتكم باللبان والشيح والمر والصعتر، كما ذكر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الطب النبوي وقال عنه لا يصح.

وبالتالي فليس هناك أي حديث صحيح عن رسول الله يقول باستخدام البخور في علاج السحر والمس أو الحسد، ولو كان فيه فائدة لذكره الرسول ولأمر به أصحابه وما أخفاه عنهم.

وعندما سأل الإمام ابن باز رحمه الله عن حكم استخدام البخور لطرد الشياطين وهل يوجد دليل على ذلك؟ فقال: “هذا شيء لا أصل له وإنما يذهب الشياطين ذكر الله والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وهو ما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم.

أما في الأربعة التعاويذ السابقة فنجد أن استخدام البخور هو شرط أساسي وعامل رئيسي في كل تعويذة، لذا فأصل استخدام البخور في هذه التعاويذ يرجع إلى اليهود ولا يمت للإسلام بصلة، ولا يمكن استخدامه في علاج السحر والمس.

استخدام اللبان الدكر في السحر والمس

وبما أن استخدام البخور في علاج السحر والمس او طرد الشياطين لم يذكره الرسول صلى الله عليه وسلم وكل ما ذكر في هذا الأمر هي أحاديث ضعيفة وموضوعة ولا تصح.

كذلك أيضاً بالنسبة لاستخدام اللبان سواء اللبان العربي أو اللبان الدكر، لم يذكره الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك بعض الناس يقولون بأن الرسول استخدم اللبان العربي في زمن الطاعون فحمى الله المدينة المنورة.

فهذه الرواية هي كذب وإفك وليس لها أساس من الصحة، لأن الطاعون لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما وقع في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.

كما أن الطاعون لا يدخل المدينة المنورة كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه والذي رواه الشيخين في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال”.

كذلك كل الأحاديث التي وردت في قول اللبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: حديث تداووا بالكندر – وهو اللبان – فإنه بخور كل شيء…”، وحديث نعمة الدخنة اللبان، وغيره كلها أحاديث ضعيفة وموضوعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى